0

بر الوالدين لا ينقطع بموتهما، بل هما أحوج إلى البر بعد الممات، منهما إليه في حال الحياة. وبرهما يكون بالدعاء لهما، وتنفيذ وصيتهما، وصلة رحمهما، وإكرام صديقهما، وزيارة الأبناء لقبريهما، من أجل الدعاء والاعتبار. ومن برهما كذلك: قضاء ما وجب عليهما من صيام، وحج، وحقوق للعباد، وكذلك الإحسان إليهما بالصدقة، وإشراكهما في الأضحية. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية، أو علم ينتفع، أو ولد صالح يدعو له» رواه مسلم. قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذا الأشياء الثلاثة، لكونه كان سببها، فإن الولد من كسبه، وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف. وفيه فضيلة الزواج لرجاء ولد صالح، وفيه دليل لصحة أصل الوقف، وعظيم ثوابه، وفيه فضيلة طلب العلم وتعليمه وتدوينه، وأنه ينبغي أن يختار من العلوم أنفعها وأجداها، وأعظمها أثرا وأبقاها. وفيه أن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت، وكذلك الصدقة وهما مجمع عليهما. وعن عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: «إن أمي افتلتت نفسها ولم توص، وأظنها لو تكلمت تصدقت، أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال نعم» رواه مسلم. وهذا يدل على مشروعية الصدقة عن الميت، وأن ثوابها يصله وينفعه، كما ينفع المتصدق أيضا. وهذا كله أجمع عليه المسلمون. وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هل بقي علي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال: «نعم، الصلاة عليهما والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما من بعدهما، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، وإكرام صديقهما» رواه أبو داود. وروى مسلم عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر أن رجلا من الأعراب لقيه بطريق مكة فسلم عليه عبد الله وحمله على حمار كان يركبه وأعطاه عمامة كانت على رأسه فقال ابن دينار فقلنا له أصلحك الله إنهم الأعراب وإنهم يرضون باليسير فقال عبد الله إن أبا هذا كان ودا لعمر بن الخطاب وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أبر البر صلة الولد أهل ود أبيه». الكاتب: د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان.

إرسال تعليق

 
Top