0

سخاء وكرم عائشة رضي الله عنها


ورعُ أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها وزهدُها وخوفها من خالقها.. تتلاشى عند ذلك الكلمات، وتهرب حينئذٍ المعاني؛ خجلًا أن تدرك بلوغَ الثناء الذي يليق بها.

لقد كانت رضي الله عنها رمزًا في الكرم، وغاية سخاء النفس، كيف لا وقد تعلَّمتها ممن كان أصلَ الكرم والوفاء؛ ومعلِّم البشرية كلِّها أخلاقَ الخير؛ رسولنا صلى الله عليه وسلم؟! وكذلك كان أبوها الصديق رمزًا في السخاء والكرم؛ فقد أنفق كلَّ ماله للدعوة، وكان رجلًا تاجرًا ذا ثراء، ولما سأله النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((ماذا أبقيتَ لأهلك؟)) قال: أبقيتُ لهم اللهَ ورسولَه[1].

ولقد كانت رضي الله عنها تتصدَّق في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بالتمرة والتمرتين، وهذا كان كلَّ الموجود عندها، فقد قالت رضي الله عنها: جاءتني امرأةٌ ومعها ابنتان تسألُني فلم تجد عندي غيرَ تمرة واحدة فأعطيتُها، فقسمَتها بين ابنتيها، ثم قامت... الحديث[2].

واستمر هذا السخاء في حياتها تسعَد به ويَنشرح صدرُها له، وإليك بعضَ هذه النماذج:
بعث معاويةُ رضي الله عنه وعن أبيه إليها مرَّة بمائة ألف درهم؛ فما أمسَت حتى فرَّقَتها، فقالت لها خادمتُها: لو اشتريتِ لنا منهم بدرهم لحمًا؟ فقالت: ألا قلتِ لي؟![3].

وقال عروة ابنُ أختها: إنَّ عائشة تصدَّقت بسبعين ألفًا، وإنها لترقِّع جانبَ دِرعها؛ رضي الله عنها[4].

وبعث إليها ابنُ الزبير رضي الله عنه بمالٍ بلغ مائةَ ألف، فدعَت بطبق؛ فجعلَت تقسم في الناس، فلما أمسَت؛ قالت: هاتي يا جاريةُ فطوري، فقالت: يا أمَّ المؤمنين، أمَا استطعتِ أن تشتري لنا لحمًا بدرهم؟ قالت: "لا تعنِّفيني، لو ذكَّرتيني لفعلت"[5].

فهكذا صار السخاءُ مِن جبِلَّتها، حتى إنها لتَبيع ممتلكاتها لتتصدَّق بثمنها، حتى غضب ابنُ أختها عبد الله بن الزبير، فقال: لتنتهينَّ عائشة أو لأحجرنَّ عليها!


[1] رواه البخاري في فضال الصحابة (527).
[2] البخاري (1352)، ومسلم (2629).
[3] الطبقات لابن سعد (8 /67)، وحلية الأولياء (2 /47).
[4] الطبقات (8 /66)، وحلية الأولياء (2 /47).
[5] المصدر السابق.

إرسال تعليق

 
Top