0
غزوة ذي قرد
في العام السادس الهجري حدثت هذه الغزوة وانتهت بلحاق الرسول عليه الصلاة والسلام خيل غطفان، وقائدها عيينة الفزاري، الذين أغاروا على متاع لرسول الله، وقتلوا رجلاً من المسلمين، فوقعت امرأته في الأسر، ولحقهم الرسول عليه الصلاة والسلام.

غزوة ذي قرد

كانت من أبرز بنود عهد الحديبية بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقريش أن تتوقف الحرب بين الطرفين مدة عشر سنين، يأمن فيها كلا الطرفين على النفس والمال والذرية، وقد سُرّ المسلمون بهذا العهد إذ أمِنوا من شر أكبر عدوٍ لهم في شبه الجزيرة العربية ألا وهم قريش وفي ذات الوقت أتاح لهم الفرصة لتصفية حساباتهم مع اليهود المتربصين بهم في كل حينٍ بالمكر والمكيدة وإغراء الأحزاب بالمسلمين، وكانوا متمركزين في منطقة خيبر وما حولها، ألا أنه أثناء الاستعداد لمعركة خيبر حدثت غزوة عُرِفت باسم غزوة ذي قرد أو غزوة الغابة وهي المحور الذي يدور حوله المقال.


أسباب غزوة ذي قرد

غزوة ذي قرد -بفتح القاف والدال- من الغزوات التأديبية التي قادها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنفسه ضد القبائل العربية المعادية للإسلام والمسلمين؛ فكانت هذه المرة ضد قبيلة غطفان وزعيمها عيينة بن حصن الفزاري الذي أغار على نوقٍ وإبلٍ للرسول -عليه الصلاة والسلام- كانت ترعى في موضعٍ يقال له الغابة مع أربعين فارسًا كانوا معه؛ فقتلوا وأسروا من كان مع الإبل من الصحابة. 1)


أهداف غزوة ذي قرد

غزوة ذي قرد واحدة من أكبر الغزوات التي قادها النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفسه لتأديب القبائل العربية التي تمادت في عِداء الإسلام والمسلمين بإثارة الغضائن أو الإسهام في حشد الجيوش لشن الهجمات على المدينة المنورة تارةً أو بالاعتداء على أصحاب الرسول -عليه الصلاة والسلام- كما حدث في فجيعة الرجيع والتي نتج عنها غزوة بني لحيان أو لتأديب من اعتدى على أملاك المسلمين كالذي بدر من قبيلة غطفان بقيادة عيينة الفزاري وإغارتهم على إبل النبي -عليه الصلاة والسلام- في مرعاها، فنتج عنها غزوة الغابة أو ذي قرد. 2) 3)


متى كانت غزوة ذي قرد

غزوة ذي قرد واحدة من غزوات الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي قادها بنفسه بعد صلح الحديبية، وسُميت بهذا الاسم نسبةً إلى لموضع ماءٍ نزل عنده جيش المسلمين يُقال له: ذي قَرَد، كما تُعرف هذه الغزوة في كتب التاريخ باسم غزوة الغابة نسبةً إلى المكان الذي اعتدى فيه عيينة بن حصن الفزاري ومن معه على إبل المسلمين وهو موضع كثيف الشجر كالغابة خارج المدينة المنورة بإتجاه بلاد الشام، ووقعت بعدة غزوة بني لحيان بليالٍ قليلةٍ أي أنها وقعت في السنة السادسة للهجرة في شهر ربيع الأول أو جمادى الأولى على اختلافٍ بين المؤرّخين. 4) 5)


أحداث غزوة ذي قرد

كانت بداية أحداث هذه الغزوة عندما أغار أحد قادة غطفان والمُلقب بالأحمق المطاع عيينة بن حصن الفزاري على إبلٍ ترعى في منطقة الغابة من أطراف المدينة المنورة، وكان حينها مع الإبل ابن أبي ذر الغفاري وزوجته وراعي الإبل، فقتلوا الغفاري وأخذوا زوجته أسيرةً وهرع الراعي نحو المدينة طالبًا النجدة، وكان أول من لقيه سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-.


عندما علم سلمة بالأمر اعتلى جبلًا ونادى بأعلى صوته: يا صباحاه مراتٍ ثلاث ثم لحِق بالمعتدين ركضًا حاملًا معه نُبله وسيفه حتى أدركهم عند موضع ماءٍ وكان من أسرع الناس عدوًا؛ فأخذ يمطرهم بنباله وسهامه وحده حيث كان راميًّا ماهرًا؛ فعجزوا عن مواجهته حتى استطاع أن يسترد منهم جزءًا من الإبل وثلاثين رمحًا وثلاثين كساءً.


عندما وصل الخبر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- جهز جيشًا قوامه خمسمائة وقيل سبعمائة مقاتلٍ ما بين راكبٍ وراجلٍ واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم -رضي الله عنه- وسارعوا في المسير حتى وصل الجيش إلى مكان سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- وكان أول الواصلين الأخرم محرز بن نضلة ثم أبو قتادة ثم المقداد -رضي الله عنهم-. 6) 7) 8)


نتائج غزوة ذي قرد

حقّقت الغزوة أبرز نتائجها وهو اللحاق بالمعتدين من غطفان واستخلاص الإبل منهم كاملةً والثأر لمقتل الصحابي ابن أبي ذرٍّ وسبي المرأة والتي استطاعت الفرار منهم قبل ذلك حيث التقى في أرض المعركة الأخرم وعيينة بن حصن الفزاري فطعن الأخرم فرس عيينة، فباغته عيينة بطعنةٍ قاتلةٍ ثم فرّ فلحقه أبو قتادة وقتله، بعد ذلك توالى وصول المسلمين حتى اجتمعوا عند موضع ماءٍ يسمى ذي قرد في المساء، وكان العدو قد نزل عند هذا الماء ليشربوا بعد مطاردة سلمة بن الأكوع لهم لكنهم عندما رأوا جيش المسلمين تركوا الإبل وفروا هاربين.


وفي هذه الغزوة أثنى الرسول -عليه السلام- على اثنين من الصحابة لما قدماه من تضحيةٍ وأظهراه من شجاعةٍ وبسالةٍ نادرةٍ وهما أبو قتادة وسلمة بن الأكوع -رضي الله عنهما-:”خيرُ فُرسانِنا اليومَ أبو قَتادةَ وخيرُ رجَّالتِنا اليومَ سلَمةُ بنُ الأكوعِ” 9) وأعطى -صلى الله عليه وسلم- لسلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- من الغنائم سهميْن سهم الفارس وسهم الراجل، إلى جانب ذلك تمكن المسلمون من بسط الأمن والاستقرار بعد هزيمتهم لفرسان غطفان في هذه الغزوة خاصةً مع واحدةً من أعتى القبائل العربية المعادية للإسلام في شبه الجزيرة العربية. 10)

الفديو من قناة اليوتيوب

إرسال تعليق

 
Top