غزوة بدر الآخرة
قامت
هذه الغزوة في العام الرابع من الهجرة، وانتهت بلا مواجهة، فعندما نزل
أبوسفيان بناحية الظهران، خرج الرسول عليه الصلاة والسلام إليه، فلما علم
أبو سفيان بقدوم الرسول، رجع، فرجع الرسول كذلك.
غزوة بدر الآخرة
تضمّنت السيرة النبوية الشريفة حياة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- منذ ولادته إلى وفاته، وقد سطّرت صفحاتها العطرة سيرة أعظم خلق الله بأدق التفاصيل؛ لتكون نِبْراسًا يُهتدى به، وخير مثالٍ يُسار على طريقته ومنهجه، وأعظم قدوةٍ يُقتدى بها، ومن جملة ذلك غزوات النبي -صلّى الله عليه وسلّم-، ومنها: غزوة بدر الآخرة، وهي من الغزوات المهمة في حياة المسلمين، وتُعرف غزوة بدر هذه ببدر الموعد؛ للمواعدة عليها مع أبي سفيان يوم معركة أحد، وبدر الثانية، وبدر الآخرة، وبدر الصغرى. وفيما يأتي بيان لأسباب غزوة بدر الآخرة، وأهدافها، وموقعها، وأهم أحداثها، ونتائجها، والدروس المستفادة منها. 1)
أسباب غزوة بدر الآخرة
السبب الرئيس لخروج المسلمين في هذه المعركة هو التقيد بالموعد الذي كان أبو سفيان قد اقترحه بعد معركة أحد؛ فقد انتهى العام وجاء وقت الموعد المحدد بين قريش بقيادة أبي سفيان، والرسول صلّى الله عليه وسلّم، وقد التزم الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- بالموعد؛ فخرج من المدينة المنورة على رأس جيش من المسلمين عدده ألف وخمسمائة مقاتل لمواجهة جيش المشركين، وفي هذا إظهار لقوة جيش المسلمين، واستعداده التام لخوض المعارك ضد جيش من أكبر الجيوش في الجزيرة العربية، وأكثرها عددًا وعدة وتنظيمًا، وعدم خوفه من قريش، وقدرته على مواجهتها والانتصار عليها، وقد حمل لواء جيش المسلمين في غزوة بدر الآخر علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه. 2)
أهداف غزوة بدر الآخرة
تتضح مما سبق ذكره أهداف غزوة بدر الآخرة؛ إذ إنّ خروج النبي -صلى الله عليه وسلم- كان التزامًا بالموعد المحدد مسبقًا بينه وبين قريش، وفي ذلك إظهار لقوة المسلمين من خلال عدم تخلفهم عن الموعد، وشجاعتهم في الخروج إليه، وقدرتهم على مواجهة قريش، والانتصار عليها، وفرض هيبتهم نصرةً لدين الله -سبحانه وتعالى- ونشرًا لدعوته -جلّ وعلا-، وإعزازًا لدينه وعدم الخضوع لقوى الشر والظلم والضلال والكفر، ومحاربة من يحاربون الإسلام ويعادونه، وحتى تعلم جميع القبائل وسكان الجزيرة العربية بأنّ الإسلام عزيز قوي، وبأن شوكة المسلمين قوية؛ فهم قوة كبرى في المنطقة، وقد تحققت أهداف غزوة بدر الآخرة؛ إذ خرج جيش المسلمين من المدينة المنورة بقيادة رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم- للقاء قريش بقيادة أبي سفيان عند عيون بدر، وقد كان لغزوة بدر الآخرة آثار مباركة على الدعوة الإسلامية أسهمت في إعزاز المسلمين؛ وفرض هيبتهم وإظهار قوتهم وتقوية صفوفهم. 3)
موقع غزوة بدر الآخرة وتاريخها
خرج النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على رأس جيش المسلمين من المدينة المنورة حتى وصل إلى منطقة عيون بدر بحسب الاتفاق بين الطرفين؛ وقد جرت أحداث غزوة بدر الآخرة في السنة الرابعة للهجرة. 4)
أحداث غزوة بدر الآخرة
جاء وقت الموعد الذي كان أبو سفيان قد اقترحه على المسلمين عند انصرافه من غزوة أحد، حيث قال: “موعدكم وإيانا العام القابل ببدر”، 5) وقد التزم رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم بالموعد المحدد؛ فخرج من المدينة المنورة بعد عام من معركة أحد إلى المكان المتفق عليه في منطقة بدر، ومعه ألف وخمسمائة مقاتل بينهم عشرة من الخيالة، ويحمل لواء رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- حينئذٍ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ولمّا وصلوا منطقة بدرٍ أقاموا فيها ثمانية أيام بانتظار وصول جيش المشركين من قريش ومن يساندهم بقيادة أبي سفيان بحسب الموعد المحدد، ورغم انتظار المسلمين لهذه المدة الطويلة إلّا أنّ مدة الانتظار انقضت دون قدوم قريش.
وقد كان أبو سفيان قد جمع القوات من قريش وحلفائها وقد ضم جيشه ألفي مقاتل، معهم خمسون فارسًا، فلمّا وصلوا إلى منطقةٍ يقال لها مر الظهران، خطب فيهم أبو سفيان بقوله: “يا معشر قريش إنّه لا يصلحكم إلّا عام خصيب ترعون فيه الشجر، وتشربون فيه اللبن، وإنّ عامكم هذا عام جدب، وإني راجع فارجعوا”، ثمّ عاد بهم أبو سفيان إلى مكة دون ملاقاة المسلمين، فقد هاب المشركون جيش المسلمين، وقرروا الرجوع دون مواجهتهم وقد كان لذلك أثر كبير في تقوية المسلمين وإعادة هيبتهم. 6) 7)
نتائج غزوة بدر الآخرة
مما سبق قوله تتضح أهم نتائج غزوة بدر الآخرة، فقد كسب المسلمون انتصارًا معنويًا كبيرًا على عدوهم دون قتال، وقد كان لغزوة بدر الآخرة أكبر الأثر في تقوية المسلمين وإعادة هيبتهم والدلالة على شجاعتهم وتقوية شوكتهم، وإضافة لذلك فقد شارك المسلمون في الموسم التجاري ببدر وباعوا ما معهم من أغراض التجارة فربحوا ربحًا كثيرًا، أمّا جيش المشركين فقد خسر هيبته وأصبح مثار سخرية واستهزاء عند العرب. 8)
الدروس المستفادة من غزوة بدر الآخرة
أهم ما يستفاد من أحداث غزوة بدر الآخرة التعلم من رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ومن صحابته الكرام -رضي الله عنهم- خلق الوفاء بالكلمة والموعد؛ إذ احترموا كلمتهم واتفاقهم وموعدهم مع قريش؛ فخرجوا إليهم دون تأخير أو إبطاء، كما يستفاد أيضًا تعلم خلق الشجاعة إذ إنّ المسلمين لم يهابوا جيش قريش رغم أنّه من أكبر الجيوش وأكثرها قوة، ولم يخافوا من الخروج إليه بل إن المشركين هم من خافوا لقاء المسلمين، وقد ساهم هذا في جعل المسلمين قوة مرهوبة في المنطقة. 9)
الفديو من قناة اليوتيوب
إرسال تعليق