0
 كتاب الهبات
 *1* كتاب الهبات
*2* باب كراهة شراء الإنسان ما تصدق به ممن تصدق عليه
*حدّثنا عَبْدُ اللّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ أَنّ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ قَالَ: حَمَلْتُ عَلَىَ فَرَسٍ عَتِيقٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ، فَأَضَاعَهُ صَاحِبُهُ، فَظَنَنْتُ أَنّهُ بَائِعُهُ بِرُخْصٍ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: "لاَ تَبْتَعْهُ وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، فَإنّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ".
وحدّثنيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ: حَدّثَنَا عَبْدُ الرّحْمَنِ (يَعْنِي ابْنَ مَهْدِي) عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَزَادَ: "لاَ تَبْتَعْهُ وَإنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ".
حدّثني أُمَيّةُ بْنُ بِسْطَامَ: حَدّثَنَا يَزِيدُ (يَعْنِي ابْنَ زُرَيْعٍ): حَدّثَنَا رَوْحٌ (وَهُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ) أَنّهُ حَمَلَ عَلَىَ فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ، فَوَجَدَهُ عِنْدَ صَاحِبِهِ وَقَدْ أَضَاعَهُ، وَكَانَ قَلِيلَ الْمَالِ، فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، فَأَتَىَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: "لاَ تَشْتَرِهِ، وَإنْ أُعْطِيتَهُ بِدِرْهَمٍ، فَإنّ مَثَلَ الْعَائِدِ فِي صَدَقَتِهِ، كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ".
وحدّثناه ابْنُ أَبِي عُمَرَ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنّ حَدِيثَ مَالِكٍ وَرَوْحٍ أَتَمّ وَأَكْثَرُ.
حدّثنا يَحْيَىَ بْنُ يَحْيَىَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَىَ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ عُمَرَ بْنَ الْخَطّابِ حَمَلَ عَلَىَ فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ، فَوَجَدَهُ يُبَاعُ، فَأَرَادَ أَنْ يَبْتَاعَهُ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: "لاَ تَبْتَعْهُ، وَلاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ".
وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَ ابْنُ رُمْحٍ، جَمِيعاً، عَنِ اللّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، ح وَحَدّثَنَا الْمُقَدّمِيّ وَ مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّىَ قَالاَ: أخبرنا يَحْيَىَ (وَهُو الْقَطّانُ)، ح وَحَدّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ قال: حَدّثَنَا أَبِي، ح وَحَدّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، كُلّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ، كِلاَهُمَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ.
حدّثنا ابْنُ أَبِي عُمَرَ وَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (وَاللّفْظُ لِعَبْدٍ) قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزّهْرِيّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنّ عُمَرَ حَمَلَ عَلَىَ فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ، ثُمّ رَآهَا تُبَاعُ فَأَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهَا، فَسَأَلَ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ، يَا عُمَرُ؟".
قوله: (حملت على فرس عتيق في سبيل الله) معناه تصدقت به ووهبته لمن يقاتل عليه في سبيل الله، والعتيق الفرس النفيس الجواد السابق. قوله: (فأضاعه صاحبه) أي قصر في القيام بعلفه ومؤنته. قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تبتعه ولا تعد في صدقتك" هذا نهي تنزيه لا تحريم، فيكره لمن تصدق بشيء أو أخرجه في زكاة أو كفارة أو نذر ونحو ذلك من القربات أن يشتريه ممن دفعه هو إليه أو يهبه أو يتملكه باختياره منه، فأما إذا ورثه منه فلا كراهة فيه وقد سبق بيانه في كتاب الزكاة، وكذا لو انتقل إلى ثالث ثم اشتراه منه المتصدق فلا كراهة، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وقال جماعة من العلماء النهي عن شراء صدقته للتحريم والله أعلم
*2* باب تحريم الرجوع في الصدقة والهبة، بعد القبض إلا ما وهبه لولده وإن سفل
*حدّثني إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرّازِيّ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالاَ: أَخْبَرَنَا عِيسَى ابْنُ يُونُسَ، حَدّثَنَا الأَوْزَاعِيّ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمّدِ بْنِ عَلِيّ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيّبِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ أَنّ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَثَلُ الّذِي يَرْجِعُ فِي صَدَقَتِهِ، كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ، فَيَأْكُلُهُ".
وحدّثناه أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمّدُ بْنُ الْعَلاَءِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الأَوْزَاعِيّ قَالَ: سَمِعْتُ مْحَمّدَ بْنَ عَلِيّ بْنِ الحُسَيْنِ يَذْكُرُ بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.
وحدّثنيهِ حَجّاجُ بْنُ الشّاعِرِ: حَدّثَنَا عَبْدُ الصّمَدِ: حَدّثَنَا حَرْبٌ: حَدّثَنَا يَحْيَىَ (وَهُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ): حَدّثَنِي عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو أَنّ مُحَمّدَ بْنَ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم حَدّثَهُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَ حَدِيثِهِمْ.
وحدّثني هَرُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِيّ وَ أَحْمَدُ بْنُ عِيسَىَ قَالاَ: حَدّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرٌو (وَهُوَ ابْنُ الحَارِثِ) عَنْ بُكَيْرٍ أَنّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيّبِ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إنّمَا مَثَلُ الّذِي يَتَصَدّقُ بِصَدَقَةٍ ثُمّ يَعُودُ فِي صَدَقَتِهِ، كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمّ يَأْكُلُ قَيْأَهُ".
وحدّثناه مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ مُحَمّدُ بْنُ بَشّارٍ قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدّثَنَا شُعْبَةُ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدّثُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيّبِ، عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنّهُ قَالَ: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ".
وحدّثناه مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّىَ: حَدّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.
وحدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: أَخْبَرَنَا الْمَخْزُومِيّ: حَدّثَنَا وُهَيْبٌ: حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ، يَقِيءُ ثُمّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "مثل الذي يرجع في صدقته كمثل الكلب يقيء ثم يعود في قيئه فيأكله" هذا ظاهر في تحريم الرجوع في الهبة والصدقة بعد إقباضهما وهو محمول على هبة الأجنبي، أما إذا وهب لولده وإن سفل فله الرجوع فيه كما صرح به في حديث النعمان بن بشير، ولا رجوع في هبة الأخوة والأعمام وغيرهم من ذوي الأرحام، هذا مذهب الشافعي وبه قال مالك والأوزاعي، وقال أبو حنيفة وآخرون: يرجع كل واهب إلا الولد وكل ذي رحم محرم
*2* باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة
*حدّثنا يَحْيَىَ بْنُ يَحْيَىَ، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَىَ مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ ابْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ وَعَنْ مُحَمّدِ بْنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ يُحَدّثَانِهِ عَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنهُ قَالَ: إنّ أَبَاهُ أَتَىَ بِهِ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلاَماً كَانَ لِي، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَكُلّ وَلَدِكَ نَحَلْتَهُ مِثْلَ هَذَا؟" فَقَالَ: لاَ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَارْجِعْهُ".
وحدّثنا يَحْيَىَ بْنُ يَحْيَىَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ ابْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ وَ مُحَمّدِ بْنِ النّعْمَانِ، عَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: أَتَىَ بِي أَبِي إلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلاَماً، فَقَالَ: "أَكُلّ بَنِيكَ نَحَلْتَ؟" قَالَ: لاَ، قَالَ: "فَارْدُدْهُ".
وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، ح وَحَدّثَنَا قُتَيْبَةُ وَ ابْنُ رُمْحٍ عَنِ اللّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، ح وَحَدّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَىَ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، ح وَحَدّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، كُلّهُمْ عَنِ الزّهْرِيّ بِهَذَا الإِسْنَادِ، أَمّا يُونُسُ وَمَعْمَرٌ فَفِي حَدِيثِهِمَا "أَكُلّ بَنِيكَ" وَفِي حَدِيثِ اللّيْثِ وَابْنِ عُيَيْنَةَ: "أَكُلّ وَلَدِكَ" وَرِوَايَةُ اللّيْثِ عَنْ مُحَمّدِ بْنِ النّعْمَانِ وَحُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ أَنّ بَشِيراً جَاءَ بِالنّعْمَانِ.
حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ: حَدّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَدّثَنَا النّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَ: وَقَدْ أَعْطَاهُ أَبُوهُ غُلاَماً، فَقَالَ لَهُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم: "مَا هَذَا الْغُلاَمُ؟" قَالَ: أَعْطَانِيهِ أَبِي قَالَ: "فَكُلّ إِخْوَتِهِ أَعْطَيْتَهُ كَمَا أَعْطَيْتَ هَذَا؟" قَالَ: لاَ، قَالَ: "فَرُدّهُ".
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدّثَنَا عَبّادُ بْنُ الْعَوّامِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشّعْبِيّ قَالَ: سَمِعْتُ النّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ، ح وَحَدّثَنَا يَحْيَىَ بْنُ يَحْيَىَ (وَاللّفْظُ لَهُ)، أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشّعْبِيّ، عَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: تَصَدّقَ عَلَيّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ فَقَالَتْ أُمّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ: لاَ أَرْضَىَ حَتّىَ تُشْهِدَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقَ أَبِي إلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم لِيُشْهِدَهُ عَلَىَ صَدَقَتِي، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلّهِمْ؟" قَالَ: لاَ، قَالَ: "اتّقُوا اللّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلاَدِكُمْ" فَرَجَعَ أَبِي، فَرَدّ تِلْكَ الصّدَقَةَ.
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدّثَنَا عَلِيّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ أَبِي حَيّانَ، عَنِ الشّعْبِيّ، عَنِ النّعَمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، ح وَحَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ نُمَيرٍ (وَاللّفْظُ لَهُ)، حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ بِشْرٍ، حَدّثَنَا أَبُو حَيّانَ التّيْمِيّ عَنِ الشّعْبِيّ، حَدّثَنِي النّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ أَنّ أُمّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْ أَبَاهُ بَعْضَ الْمَوْهُوْبَةِ مِنْ مَالِهِ لاِبْنِهَا، فَالْتَوَىَ بِهَا سَنَةً، ثُمّ بَدَا لَهُ، فَقَالَتْ: لاَ أَرْضَىَ حَتّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَىَ مَا وَهَبْتَ لاِبْنِي، فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ غُلاَمٌ، فَأَتَىَ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ إنّ أُمّ هَذَا، بِنْتَ رَوَاحَةَ، أَعْجَبَهَا أَنْ أُشْهِدَكَ عَلَى الّذِي وَهَبْتُ لاِبْنِهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَا بَشِيرُ أَلَكَ وَلَدٌ سِوَىَ هَذَا؟" قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: "أَكُلّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟" قَالَ: لاَ، قَالَ: "فَلاَ تُشْهِدْنِي إذاً فَإنّي لاَ أَشْهَدُ عَلَىَ جَوْرٍ".
حدّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدّثَنِي أَبِي: حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الشّعْبِيّ، عَنِ النّعْمَانِ ابْنِ بَشَيرٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ "أَلَكَ بَنُونَ سِوَاهُ؟" قَالَ: نَعَمْ، قَالَ "فَكُلّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ هَذَا؟" قَالَ: لاَ، قَالَ "فَلاَ أَشْهَدُ عَلَىَ جَوْرٍ".
حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنِ الشّعْبِيّ، عَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لأَبِيهِ "لاَ تُشْهِدْنِي عَلَىَ جَوْرٍ".
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى: حَدّثَنَا عَبْدُ الْوَهّابِ وَ عَبْدُ الأَعْلَىَ، ح وَحَدّثَنَا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ يَعْقُوبُ الدّوْرَقِيّ، جَمِيعاً عَنِ ابْنِ عُلَيّةَ (وَاللّفْظُ لِيَعْقُوبَ)، قَالَ: حَدّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشّعْبِيّ، عَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إلَى رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ اشْهَدْ أَنّي قَدْ نَحَلْتُ النّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي، فَقَالَ: "أَكُلّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النّعْمَانَ؟" قَالَ: لاَ، قَالَ: "فَأَشْهِدْ عَلَىَ هَذَا غَيْرِي"، ثُمّ قَالَ: "أَيَسُرّكَ أَنْ يَكُونُوا إلَيْكَ فِي الْبِرّ سَوَاءً؟" قَالَ: بَلَىَ، قَالَ: "فَلاَ، إذاً".
حدّثنا أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ النّوْفَلِيّ: حَدّثَنَا أَزْهَرُ: حَدّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الشَعْبِيّ، عَنِ النّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: نَحَلَنِي أَبِي نُحْلاً، ثُمّ أَتَىَ بِي إِلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُشْهِدَهُ، فَقَالَ "أَكُلّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَهُ هَذَا؟" قَالَ: لاَ،قَالَ: "أَلَيْسَ تُرِيدُ مِنْهُمُ الْبِرّ مِثْلَ مَا تُرِيدُ مِنْ ذَا؟" قَالَ: بَلَىَ، قَالَ: "فَإِنّي لاَ أَشْهَدُ"،
قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: فَحَدّثْتُ بِهِ مُحَمّداً، فَقَالَ: إِنّمَا تَحَدّثْنَا أَنّهُ قَالَ "قَارِبُوا بَيْنَ أَوْلاَدِكُمْ".
حدّثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ يُونُسَ: حَدّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدّثَنَا أَبُو الزّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَتِ امْرَأَةُ بَشِيرٍ: انْحَلِ ابْنِي غُلاَمَكَ، وَأَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَى رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنّ ابْنَةَ فُلاَنٍ سَأَلَتْنِي أَنْ أَنْحَلَ ابْنَهَا غُلاَمِي، وَقَالَتْ: أَشْهِدْ لِي رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "أَلَهُ إخْوَةٌ؟" قَالَ نَعَمْ، قَالَ: "أَفَكُلّهُمْ أَعْطَيْتَ مِثْلَ مَا أَعْطَيْتَهُ؟" قَالَ: لاَ، قَالَ: "فَلَيْسَ يَصْلُحُ هَذَا، وَإنّي لاَ أَشْهَدُ إلاّ عَلَىَ حَقّ".
قوله: (عن النعمان بن بشير أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نجلت ابني هذا غلاماً كان لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فارجعه). وفي رواية: (قال فاردده). وفي رواية: "فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفعلت هذا بولدك كلهم؟ قال: لا، قال: اتقوا الله واعدلوا في أولادكم قال: فرجع أبي فرد تلك الصدقة". وفي رواية قال: (فلا تشهدني إذاً فإني لا أشهد على جور). وفي رواية: (لا تشهدني على جور). وفي رواية قال: "فأشهد على هذا غيري". وفي رواية قال: "فإني لا أشهد". وفي رواية: "فليس يصلح هذا وإني لا أشهد إلا على حق". أما قوله نحلت فمعناه وهبت، وفي هذا الحديث أنه ينبغي أن يسوي بين أولاده في الهبة ويهب لكل واحد منهم مثل الاَخر ولا يفضل ويسوي بين الذكر والأنثى، وقال بعض أصحابنا: يكون للذكر مثل حظ الأنثيين، والصحيح المشهور أنه يسوي بينهما لظاهر الحديث، فلو فضل بعضهم أو وهب لبعضهم دون بعض فمذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة أنه مكروه وليس بحرام والهبة صحيحة. وقال طاوس وعروة ومجاهد والثوري وأحمد وإسحاق وداود: هو حرام واحتجوا برواية لا أشهد على جور وبغيرها من ألفاظ الحديث. واحتج الشافعي وموافقوه بقوله صلى الله عليه وسلم: "فأشهد على هذا غيري" قالوا: ولو كان حراماً أو باطلاً لما قال هذا الكلام، فإن قيل: قاله تهديداً، قلنا: الأصل في كلام الشارع غير هذا، ويحتمل عند إطلاقه صيغة أفعل على الوجوب أو الندب فإن تعذر ذلك فعلى الإباحة. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "لا أشهد على جور" فليس فيه أنه حرام لأن الجور هو الميل عن الاستواء والاعتدال، وكل ما خرج عن إِلاعتدال فهو جور سواء كان حراماً أو مكروهاً، وقد وضح بما قدمناه أن قوله صلى الله عليه وسلم: "أشهد على هذا غيري" يدل على أنه ليس بحرام فيجب تأويل الجور على أنه مكروه كراهة تنزيه. وفي هذا الحديث أن هبة بعض الأولاد دون بعض صحيحة، وأنه إن لم يهب الباقين مثل هذا استحب رد الأول، قال أصحابنا: يستحب أن يهب الباقين مثل الأول فإن لم يفعل استحب رد الأول ولا يجب، وفيه جواز رجوع الوالد في هبته للولد والله أعلم. قوله: (سألت أباه بعض الموهوبة) هكذا هو في معظم النسخ وفي بعضها بعض الموهبة وكلاهما صحيح، وتقدير الأول بعض الأشياء الموهوبة. قوله: (فالتوى بها سنة) أي مطلها. قوله صلى الله عليه وسلم: "قاربوا بين أولادكم" قال القاضي: رويناه قاربوا بالباء من المقاربة وبالنون من القران ومعناهما صحيح أي سووا بينهم في أصل العطاء وفي قدره.
قولها: (انحل ابني غلامك) هو بفتح الحاء يقال نحل ينحل كذب يذهب
*2* باب العمرى
*حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَىَ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَىَ مَالِكٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَيّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَىَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ، فَإنّهَا لِلّذِي أُعْطِيَهَا، لاَ تَرْجِعُ إلَىَ الّذِي أَعْطَاهَا، لأَنّهُ أَعْطَىَ عَطَاءٍ وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ".
حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَىَ وَ مُحَمّدُ بْنُ رُمْحٍ قَالاَ: أَخْبَرَنَا اللّيْثُ، ح وَحَدّثَنَا قُتَيْبَةُ: حَدّثَنَا لَيْثٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرِ بْن عَبْدِ اللّهِ أَنّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ أَعْمَرَ رَجُلاً عُمْرَىَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ، فَقَدْ قَطَعَ قَوْلُهُ حَقّهُ فِيهَا، وَهِيَ لِمَنْ أُعْمِرَ وَلِعَقِبِهِ"،
غَيْرَ أَنّ يَحْيَىَ قَالَ فِي أَوّلِ حَدِيثِهِ "أَيّمَا رَجُلٍ أُعْمِرَ عُمْرَىَ، فَهِيَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ"،
حدّثني عَبْدُ الرّحْمَنِ بْنُ بِشْرٍ الْعَبْدِيّ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنِ الْعُمْرَىَ وَسُنّتِهَا، عَنْ حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ أَنّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ الأَنْصَارِيّ أَخْبَرَهُ أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَيّما رَجُلٍ أَعْمَرَ رَجُلاً عُمْرَىَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ، فَقالَ: قَدْ أَعْطَيْتُكَهَا وَعَقِبَكَ مَا بَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدٌ، فَإنّهَا لِمَنْ أُعْطِيَهَا، وَإنّهَا لاَ تَرْجِعُ إلَىَ صَاحِبِهَا، مِنْ أَجْلِ أَنّهُ أَعْطَىَ عَطَاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ".
حدّثنا إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ (وَاللّفْظُ لِعَبْدٍ) قَالاَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزّهْرِيّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: إنّمَا الْعُمْرَى الّتِي أَجَازَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، أَنْ يَقُولَ: هِيَ لَكَ وَلِعَقِبِكَ، فَأَمّا إذَا قَالَ: هِيَ لَكَ مَا عِشْتَ، فَإنّهَا تَرْجِعُ إلَىَ صَاحِبِهَا،
قَالَ مَعْمَرٌ: وَكَانَ الزّهْرِيّ يُفْتِي بِهِ.
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ: حَدّثَنَا ابْنُ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ، عَنْ جَابِرٍ (وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللّهِ) أَنّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَضَىَ فِيمَنْ أُعْمِرَ عُمْرَىَ لَهُ وَلِعَقِبِهِ، فَهِيَ لَهُ بَتْلَةً، لاَ يَجُوزُ لِلْمُعْطِي فِيهَا شَرْطٌ وَلاَ ثُنْيَا،
قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: لأَنّهُ أَعْطَىَ عَطاءً وَقَعَتْ فِيهِ الْمَوَارِيثُ، فَقَطَعَتِ الْمَوَارِيثُ شَرْطَهُ.
حدّثنا عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيّ: حَدّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ: حَدّثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَىَ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ: حَدّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللّهِ يَقُوُلُ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم "الْعُمْرَىَ لِمَنْ وُهِبَتْ لَهُ".
وحدّثناه مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى: حَدّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ: حَدّثَنِي أَبِي عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، حَدّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ أَنّ نَبِيّ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، بِمِثْلِهِ.
حدّثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونسَ: حَدّثَنَا زُهَيْرٌ: حَدّثَنَا أَبُو الزّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ يَرْفَعُهُ إِلَى النّبِيّ صلى الله عليه وسلم.
وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَىَ (وَاللّفْظ لَهُ): أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِي الزّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ وَلاَ تُفْسِدُوهَا، فَإنّهُ مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَىَ فَهِيَ لِلّذِي أُعْمِرَهَا، حَيّاً وَمَيّتاً، وَلِعَقِبِهِ".
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ بِشْرٍ: حَدّثَنَا حَجّاجُ بْنُ أَبِي عُثْمَانَ، ح وَحَدّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَ إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ سُفْيَانَ، ح وَحَدّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصّمَدِ حَدّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدّي، عَنْ أَيّوبَ، كُلّ هَولاَءِ عَنْ أَبِي الزّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَىَ حَدِيثِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَفِي حَدِيثَ أَيّوبَ مِنَ الزّيَادَةِ قَالَ: جَعَلَ الأَنْصَارُ يُعْمِرُونَ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "أمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ".
وحدّثني مُحَمّدُ بْنُ رَافِعٍ وَ إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ (وَاللّفْظُ لاِبْنِ رَافِعٍ)، قَالاَ: حَدّثَنَا عَبْدُ الرّزّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أَعْمَرَتِ امْرَأَةٌ بِالْمَدِينَةِ حَائِطاً لَهَا ابْناً لَهَا، ثُمّ تُوُفّيَ، وَتُوُفّيَتْ بَعْدَهُ، وَتَرَكَتْ وَلَداً، وَلَهُ إخْوَةٌ بَنُونَ لِلْمُعْمِرَةِ، فَقَالَ وَلَدُ الْمُعْمِرَةِ: رَجَعَ الْحَائِطُ إلَيْنَا، وَقَالَ بَنُو الْمُعْمَرِ: بَلْ كَانَ لأَبِينَا حَيَاتَهُ وَمَوْتَهُ، فَاخْتَصَمُوا إلَىَ طَارِقٍ مَوْلَىَ عُثْمَانَ، فَدَعَا جَابِراً فَشَهِدَ عَلَىَ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَىَ لِصَاحِبِهَا، فَقَضَىَ بِذَلِكَ طَارِقٌ، ثُمّ كَتَبَ إلَىَ عَبْدِ الْمَلِكِ فَأَخْبَرَهُ ذَلِكَ، وَأَخْبَرَهُ بِشَهَادَةِ جَابِرٍ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: صَدَقَ جَابِرٌ، فَأَمْضَىَ ذَلِكَ طَارِقٌ، فَإنّ ذَلِكَ الْحَائِطَ لِبَنِي الْمُعْمَرِ حَتّى الْيَوْمِ.
حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ و إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (وَاللّفْظُ لأَبِي بَكْرٍ) (قَالَ إِسْحَقُ: أَخْبَرَنَا، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: حَدّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ) عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنّ طَارقاً قَضَىَ بِالْعُمَرىَ لِلْوَارِثِ، لِقَوْلِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم.
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ مُحَمّدُ بْنُ بَشّارٍ قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدّثُ عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْعُمْرَىَ جَائِزَةٌ".
حدّثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيّ: حَدّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ)، حَدّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم أَنّهُ قَالَ "الْعُمْرَىَ مِيرَاثٌ لأَهْلِهَا".
حدّثنا مُحَمّدُ بْنُ الْمُثَنّى وَ ابْنُ بَشّارٍ، قَالاَ: حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ النّضْرِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْعُمْرَىَ جَائِزَةٌ".
وحدّثنيهِ يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ: حَدّثَنَا خَالِدٌ (يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ): حَدّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ بِهَذَا الإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنّهُ قَالَ "مِيرَاثٌ لأَهْلِهَا" أَوْ قَالَ "جَائِزَةٌ".
قوله صلى الله عليه وسلم: "أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي أعطيها لا ترجع إلى الذي أعطاها لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث". وفي رواية: "من أعمر رجلاً عمرى له ولعقبه فقد قطع قوله حقه فيها وهي لمن أعمر ولعقبه". وفي رواية قال جابر: (إنما العمرى التي أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول هي لك ولعقبك فأما إذا قال هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها). وفي رواية عن جابر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: العمرى لمن وهبت له). وفي رواية: (العمرى جائزة). وفي رواية: (العمرى ميراث). قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: العمرى قوله أعمرتك هذه الدار مثلاً أو جعلتها لك عمرك أو حياتك أو ما عشت أو حييت أو بقيت أو ما يفيد هذا المعنى، وأما عقب الرجل فبكسر القاف ويجوز إسكانها مع فتح العين ومع كسرها كما في نظائره، والعقب هم أولاد الإنسان ما تناسلوا، قال أصحابنا: العمرى ثلاثة أحوال: أحدها: أن يقول أعمرتك هذه الدار فإذا مت فهي لورثتك أو لعقبك فتصح بلا خلاف ويملك بهذا اللفظ رقبة الدار وهي هبة لكنها بعبارة طويلة، فإذا مات فالدار لورثته، فإن لم يكن له وارث فلبيت المال، ولا تعود إلى الواهب بحال خلافاً لمالك الحال. الثاني: أن يقتصر على قوله جعلتها لك عمرك ولا يتعرض لما سواه، ففي صحة هذا العقد قولان للشافعي أصحهما وهو الجديد صحته وله حكم الحال الأول والثاني وهو القديم أنه باطل، وقال بعض أصحابنا: إنما القول القديم أن الدار تكون للمعمر حياته فإذا مات عادت إلى الواهب أو ورثته لأنه خصه بها حياته فقط، وقال بعضهم القديم أنها عارية يستردها الواهب متى شاء فإذا مات عادت إلى ورثته. الثالث: أن يقول جعلتها لك عمرك فإذا مت عادت إلي أو إلى ورثتي إن كنت مت، ففي صحته خلاف عند أصحابنا منهم من أبطله والأصح عندهم صحته ويكون له حكم الحال الأول، واعتمدوا على الأحاديث الصحيحة المطلقة العمرى جائزة وعدلوا به عن قياس الشروط الفاسدة، والأصح الصحة في جميع الأحوال، وأن الموهوب له يملكها ملكاً تاماً يتصرف فيها بالبيع وغيره من التصرفات هذا مذهبنا، وقال أحمد: تصح العمرى المطلقة دون المؤقتة، وقال مالك في أشهر الروايات عنه: العمرى في جميع الأحوال تمليك لمنافع الدار مثلاً ولا يملك فيها رقبة الدار بحال، وقال أبو حنيفة بالصحة كنحو مذهبنا، وبه قال الثوري والحسن بن صالح وأبو عبيدة، وحجة الشافعي وموافقيه هذه الأحاديث الصحيحة والله أعلم. قوله: (فهي له بتلة) أي عطية ماضية غير راجعة إلى الواهب. قوله صلى الله عليه وسلم: "أمسكوا عليكم أموالكم ولا تفسدوها إلى آخره" المراد به إعلامهم أن العمرى هبة صحيحة ماضية يملكها الموهوب له ملكاً تاماً لا يعود إلى الواهب أبداً، فإذا علموا ذلك فمن شاء أعمر ودخل على بصيرة ومن شاء ترك لأنهم كانوا يتوهمون أنها كالعارية ويرجع فيها، وهذا دليل للشافعي وموافقيه والله أعلم.
قوله: (اختصموا إلى طارق مولى عثمان) هو طارق بن عمرو ولاه عبد الملك بن مروان المدينة بعد إمارة ابن الزبير.

إرسال تعليق

 
Top