0
شرح صحيح البخارى لابن حجر العسقلانى ذكر فى شرح الحديث السابق :
حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا ابن عيينة قال سمعت الزهرى عن عبيد الله عن أم قيس بنت محصن قالت سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول عليكم بهذا العود الهندى فإن فيه سبعة أشفية يستعط به من العذرة ويلد به من ذات الجنب ودخلت على النبى صلى الله عليه وسلم بابن لى لم يأكل الطعام فبال عليه فدعا بماء فرش عليه
الشرح:
قوله: (عن عبيد الله) سيأتى بلفظ" أخبرنى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة".
قوله: (عن أم قيس بنت محصن) وقع عند مسلم التصريح بسماعه له منها، وسيأتى أيضا قريبا. قوله: (عليكم بهذا العود الهندى) كذا وقع هنا مختصرا، ويأتى بعد أبواب فى أوله قصة " أتيت النبى صلى الله عليه وسلم بابن لى وقد أعلقت عليه من العذرة فقال: عليكن بهذا العود الهندى".
وأخرج أحمد وأصحاب السنن من حديث جابر مرفوعا"أيما امرأة أصاب ولدها عذرة أو وجع فى رأسه فلتأخذ قسطا هنديا فتحكه بماء ثم تسعطه إياه"وفى حديث أنس الآتى بعد بابين"إن أمثل ما تداويتم به الحجامة والقسط البحرى"وهو محمول على أنه وصف لكل ما يلائمه، فحيث وصف الهندى كان لاحتياج فى المعالجة إلى دواء شديد الحرارة، وحيث وصف البحرى كان دون ذلك فى الحرارة، لأن الهندى كما تقدم أشد حرارة من البحرى. وقال ابن سينا: القسط حار فى الثالثة يابس فى الثانية.
قوله: (فإن فيه سبعة أشفية) جمع شفاء كدواء وأدوية.
قوله: (يسعط به من العذرة، ويلد به من ذات الجنب) كذا وقع الاقتصار فى الحديث من السبعة على اثنين، فأما أن يكون ذكر السبعة فاختصره الراوى أو اقتصر على الاثنين لوجودهما حينئذ دون غيرهما، وسيأتى ما يقوى الاحتمال الثانى.
وقد ذكر الأطباء من منافع القسط أنه يدر الطمث والبول ويقتل ديدان الأمعاء ويدفع السم وحمى الربع والورد ويسخن المعدة ويحرك شهوة الجماع ويذهب الكلف طلاء، فذكروا أكثر من سبعة، وأجاب بعض الشراح بأن السبعة علمت بالوحى وما زاد عليها بالتجربة، فاقتصر على ما هو بالوحى لتحققه وقيل ذكر ما يحتاج إليه دون غيره لأنه لم يبعث بتفاصيل ذلك قلت: ويحتمل أن تكون السبعة أصول صفة التداوى بها، لأنها إما طلاء أو شرب أو تكميد أو تنطيل أو تبخير أو سعوط أو لدود، فالطلاء يدخل فى المراهم ويحلى بالزيت ويلطخ، وكذا التكميد، والشرب يسحق ويجعل فى عسل أو ماء أو غيرهما، وكذا التنطيل، والسعوط يسحق فى زيت ويقطر فى الأنف، وكذا الدهن، والتبخير واضح، وتحت كل واحدة من السبعة منافع لأدواء مختلفة ولا يستغرب ذلك ممن أوتى جوامع الكلم.
وأما العذرة فهى بضم المهملة وسكون المعجمة وجع فى الحلق يعترى الصبيان غالبا، وقيل هى قرحة تخرج بين الأذن والحلق أو فى الخرم الذى بين الأنف والحلق، قيل سميت بذلك لأنها تخرج غالبا عند طلوع العذرة، وهى خمسة كواكب تحت الشعرى العبور، ويقال لها أيضا العذارى، وطلوعها يقع وسط الحر. وقد استشكل معالجتها بالقسط مع كونه حارا والعذرة إنما تعرض فى زمن الحر بالصبيان وأمزجتهم حارة ولا سيما وقطر الحجاز حار، وأجيب بأن مادة العذرة دم يغلب عليه البلغم، وفى القسط تخفيف للرطوبة. وقد يكون نفعه فى هذا الدواء بالخاصية، وأيضا فالأدوية الحارة قد تنفع فى الأمراض الحارة بالعرض كثيرا، بل وبالذات أيضا.
وقد ذكر ابن سينا فى معالجة سعوط اللهاة القسط مع الشب اليمانى وغيره. على أننا لو لم نجد شيئا من التوجيهات لكان أمر المعجزة خارجا عن القواعد الطبية

إرسال تعليق

 
Top