- لأن الله أمرك وأمر كل مؤمن معك[ وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون ] فإذا كان المؤمن التائب يرجو الفلاح ولا يستيقنه فماذا يصيع العاصي المصر على الذنوب؟!
- لأن ميزانك سينصب أمام عينيك يوم القيامة
فتوضع حسناتك في كفة و سيئاتك في كفة ولا سبيل إلى ترجيح كفة الحسنات إلا
بالتوبة النصوح التي تمحو السيئات فترجج الكفة الأخرى ويكون الفوز المبين.
- لأن التائب حبيب الرحمن والتائب من الذنب كمن لا ذنب له والعاصي إذا ذكر ذنبه فوجل منه قلبه محي عنه في أم الكتاب وأنساه الله الحفظة.
- لأن حقوق الله على عباده أعظم
من أن يقوم بها أحد ونعمه أكثر من أن تحصى فتشكر لذا فإن عباد الله
الفطناء جبروا الكسر وسدوا الخلل إذا أصبحوا تابوا وإذا أمسوا تابوا.
- لأن الله يحب التوابين ويحب الأوابين ويحب المستغفرين ويجب المتطهرين ويحب المخبتين.
-
لأنا نعلم باستمرار إبليس في إغوائه لك ما دمت حيا وبحتمية إضلالك ما دمت
أنفاسك تصعد وتهبط فرد الله عليه بأن فتح لك باب التوبة ما دمت مستغفرا
وإلى رحابه راجعا وعلى ذنبك باكيا.
- لأن ربك يقول : [ ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ] فصار الناس أحد فريقين لا ثالث لهما تائب أو ظالم فمن أي الفريقين أنت؟!
تنبيه هام
ولكن هل معنى ذلك أن التائب يقلع عن ذنبه فلا يعود إليه أبدا؟!
كلا ؛
ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :" ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب
يعتاده الفينة بعد الفينة أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا
إن المؤمن خلق مفتنا توابا نسيا إذا ذكر تذكر".
أخي التائب:
تأمل وصفه
لهذا العبد...بالمؤمن!! نعم المؤمن فكما أن لكل جواد كبوة فلكل مؤمن زلة
كل مؤمن له نقطة ضعف يتسلل منها الشيطان وإليه ينفذ لكنها جولة وليست
المعركة وضربة وليست القاضية فإذا جاءته الموعظة الصادقة والكلمة الهادية
والنصيحة الراشدة يتذكر فيقلع ويتوب فيرجع وكأن ذنبا لم يقع وخطيئة لم
ترتكب.
صمامأمان
- تذكر : فلا يجاهر بالمعصية ولا يبجح بالخطيئة ولا يرد النصيحة ولا يرتكب الذنب ضاحكا حتى لا يدخل النار باكيا.
- تذكر : ففارق المعصية وأهل المعصية ومكان المعصية وكل ما يذكر بالمعصية.
- تذكر :فأدرك أنه لحظة وقوعه في الذنب هان في نظر الله وسقط من عينه فأوقعه في الذنب ولو عز عنده وعلا لوقاه ونجاه وأنقذه وهداه.
هل
علمت الآن معنى قوله تعالى :[ إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان
تذكروا فإذا هم مبصرون ]..فور وقوع الذنب منهم وبدور التقصير عنهم.
تذكروا
قبل أن يرفع إبليس راية النصر فوق رؤوسهم ..فأخزوه قبل أن ينتفش وأهانوه
قبل أن يفتخر وأردوه من شاهق إلى واد سحيق .. كل ذلك كان بأنهم....تابوا.
مهلة ست ساعات!!
قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم :" إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد
المسلم المخطىء فإن ندم واستغفر الله منها ألقاها وإلا كتبت واحدة ".
ما هذا الكرم؟!
نادى الله عز وجل الذين قالوا : إن الله ثالث ثلاثة وقالوا : إن الله هو المسيح ابن مريم فقال [ أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه ].
تناسبطردي
يتناسب
الإيمان طرديا مع دوام تذكر الذنب فكلما قوي الإيمان كان الذنب حاضرا في
الأذهان مستقرا في الوجدان وإذا عف نسي العبد ذنبه قبل مغادرة موقع الجريمة
وأضاف إلى الذنب وإلى الخطيئة خطيئة دون معاتبة نفس أو حتى تأنيب ضمير.
- محمد بن سيرين : يذكر ذنبه بفضل إيمانه..أربعين سنة ، قال رحمه : أصابني دين فقلت : أصابني بذنب أذنبته منذ أربعين سنة. قلت لرجل : يا مفلس.
- مكحول : يذكر ذنبه سنة فيقول : رأيت رجلا ساجدا وهو يبكي فقلت : إنه يرائي فحرمت البكاء من خشية الله سنة.
- الفضيل : يذكرذنبه خمسة أشهر فيقول : حرمت قيام الليل خمسة أشهر بذنب أذنبته.
وعليك
أن تحدد منسوب الإيمان في قلبك في ضوء هذه العلاقة وتسأل نفسك : كم من
الأيام بل كم من الساعات تظل متذكرا ذنبك نادما على فعله؟!
عطايا في بلايا
قال النبي صلى الله عليه وسلم :" إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه "ز
يحرمك
رزقه لتفتقر إليه وتذل بين يديه فيورثك بهذا الفقر غناه ويعطيك بهذا الذل
عزه فما أكرم الله وما أحلم الله وما ألطف الله حين سلبنا ليوقظنا وحرمنا
ليعطينا!!
فمنعه
صرخة تنبيه توقظ النائمين وتنبه الغافلين والمؤمن يعلم هذا جيدا فيوقن أنه
ما وقع بلاء إلا بذنب ولا صيد طير أو قطعت شجرة إلا بترك تسبيح و لا نسيت
سورة إلا بخطيئة [ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير ].
احذر مقدمات الذنب
كل ما أدى إلى حرام فهو حرام ومن تمام إقلاعك عن الذنب إقلاعك عن مقدماته.
-
إذا كنت تعلم من نفسك عدم صبرها عن النظر إلى الحرام ثم دعيت إلى مكان
تعرض فيه ال فاحشة نفسها وتبرز فيه المفاتن والعورات فإن ذهابك إلى هذا
المكان حرام؟!
-
إذا علمت أن راحة جسدك في أن ينام ست ساعات مثلا ثم سهرت سهرا أدى بك إلى
عدم إعطاء جسدك راحته فضاعت منك صلاة الفجر من جراء ذلك فإن هذا السهر
حرام.
-
إذا رافقت صحبة سيئة إذا ذكرت الله ألهوك وإذا نسيت أضلوك وإذا خمدت في
قلبك شهوة أحيوها أو اسستيقظ فيك ندم قتلوه بحيث يكون سيرك معهم مقدمة
الحرام فإن مصاحبة هذه الرفقة حرام.
هي وصية الزاهد العابد إبراهيم بن أدهم حين قال لمن أراد التوبة: " من أراد التوبة فليخرج من المظالم وليدع مخالطة من كان يخالطه وإلا...لم ينل ما يريد ".
قالت زبدة أخت بشر بن الحارث : أثقل شيء على العبد الذنوب وأخف شيء عليه التوبة فماله لا يدفع أثقل شيء بأخف شيء؟!.
إرسال تعليق