الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
لعل من أكبر المحفزات للتوبة إلى الله تعالى هو ارتباطها بأول بيت وضع للناس
في هذه الارض, إذ لا يشك أحد أن ارتباط أي عبادة بالكعبة المشرفة, يعني
أهمية وثقل تلك العبادة في ميزان الإسلام, فالصلاة مثلا, التي نتوجه فيها
نحو الكعبة, خمس مرات في اليوم والليلة, هي الركن الثاني في الإسلام, والحج
الركن الخامس في الإسلام, هو أيضا مرتبط بالطواف حول الكعبة, وكذلك
الدعاء, الذي هو مخ العبادة, له نصيب من الكعبة, فقد سن لنا صلى الله عليه
وسلم أن نلتزم ما بين الباب والحجر الأسود, وإذا كان الأمر كذلك, فهذا يعني
أن عبادة التوبة, والتي لها ارتباط بالكعبة, بوجود الركنين, الحجر الأسود
واليماني, ومسحهما الذي يحط الخطايا حطا, لها ثقل و منزلة عالية في
الإسلام.
وإذا كان الأمر كذلك, فهل وقفنا مع هذا المحفز الرباني للتوبة على حقيقته,
التي تعني أولاً: أنه لا يوجد على وجه الأرض مكاناً مسحه يحط عنا الخطايا
حطاً إلا في مكة المكرمة, وفي الكعبة على وجه الخصوص, عن عبد الله بن عبيد
بن عمير: أن رجلاً قال: يا أبا عبد الرحمن – أي عبد الله بن عمر – ما أراك
تستلم إلا هذين الركنين، قال: إنّي سمعت رسول الله e يقول: (إِنَّ مَسْحَهُمَا يَحُطَّانِ الْخَطِيئَةَ).
وينبني على ذلك ثانياً: حاجتنا الكبيرة لتذكير الناس بهذا المحفز العظيم للتوبة إلى الله تعالى,
فقد وجدنا بالاحتكاك والحديث مع بعض المسلمين عدم علمه بأن الركن اليماني
تُحّطُ عنده الخطايا حطاً, إذا مسح عليه الإنسان بيمينه, كما هي السنة,
مثله في ذلك مثل الحجر الأسود, ولأنه بسبب الزحام فقد لا يستطيع كل مسلم أن
يمسح على الحجر الأسود, وحيث أن الركن اليماني أيسر وأسهل, وهو يشترك معه
في خاصية حط الخطايا, فمعرفة الناس بهذه السنة سيشجعهم على القدوم إلى مكة,
بُغية التوبة والإنابة, وما يحصل من وراء ذلك من خير له ولأمته.
وهذا الحط عن الخطايا في بلد الله الحرام,
إنما هو جزء من الهدى الذي وضعه الله تعالى في بيته الحرام, قال تعالى:
(إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً
وَهُدىً لِّلْعَالَمِينَ), فهناك هداية التصورات وهداية الأعمال.
ولا يفوتنا ونحن نتحدث عن الكعبة, أن نشيد بجهود مشروع تعظيم البلد الحرام المباركة, الذي انطلق قبل سنوات في مكة المكرمة, والذي يعمل على غرس قيم تعظيم البلد الحرام, ونشر ثقافته بين المسلمين.
إرسال تعليق