0

بَدء:
خلال المدة القريبة الماضية، تابَع الملايينُ من متصفِّحي الإنترنت - على اختلاف ألسنتهم - موضوعَ الهَجْمة على أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - وعن الصحابة أجمعين، هذه الهجمة التي تُعبِّر عن هذه الفئة وعن معتقدِها القائم لدَيْها، والمعروف لدَى الجميع، وقد أَطلقتْ هذه الهجمة - بشكل متعمَّد - مجموعةٌ شيعيَّة متطرِّفة تسْعَى إلى بثِّ الفِتنة بهدفها السياسي الطائفي، وذلك في احتفالِ الشماتة المشؤوم، المُقام في لندن بتاريخ 17/9/1431هـ.

وقد وقَف في وجهِ هذه الهجمة عددٌ هائل من أصحاب المواقِع والمنتديات والصفحات الخاصَّة، بشكل تطوعي، مستمدِّين قوَّتهم مِنَ الله، ثُمَّ مِن كِبار العلماء والدُّعاة في مختلف أنحاء العالَم الإسلامي، ممَّن نهضوا للدِّفاع عن أمِّ المؤمنين - رضي الله عنها.

ونحن - معشرَ المسلمين - على بُغْضنا لهؤلاء الهجوميِّين الأفَّاكين، ولخطابهم الذي يمتلئ شرًّا وخبثًا، إلاَّ أنَّنا رأينا أنَّ السِّحر قدِ انقلب على الساحر؛ فتحوَّلتْ دعوةُ الشر والفِتنة إلى دعوةٍ للخير، وإلى بوادر إيجابيَّة مِن الجانب الآخَر، أظهرتْ حبَّ المسلمين لدِينهم، والْتفافَهم حولَ نبيهم - صلَّى الله عليه وسلَّم - وآل بيته وصحابته - رضي الله عنهم.

ويتمثَّل ذلك فيما رأيْناه مِن مواقف أنصار لِواء الشريعة، ومُحبِّي الرسول - صلَّى الله عليه وعلى آله وصحْبه وسلَّم - في التظاهُرة العالمية الكُبْرى، التي هي الأُولى من نوعها في الدِّفاع عن الصحابة.

وقدْ رأيْنا في مجموع هذه الحملات، المصعَّدةِ عالميًّا، نُضجًا في الخِطاب والممارسة والأداء، ولاحظْنا أنَّ خبرة المهتمِّين وأصحاب المواقِع تزداد في كلِّ حملة يقومون بها، وكلَّما ازداد عددُ الحملات التظاهريَّة السِّلْمية كلَّما قلَّ عددُ الأخطاء، وازدادتْ طرق الإبداع.

تكاتف وتضافر جهود:
كما ظَهَر ضِمنَ هذه التظاهرة العالمية "الصامتة" العديدُ من الصحوات الداخلية: فهنا صحْوة دعويَّة، وهناك صحْوة أدبيَّة، وهنا عِلميَّة، وهناك عَقديَّة.

وكما قيل: "رُبَّ صمْتٍ أبلغُ من كلام"! فقد أدَّتْ هذه الحملات الصامتة دورًا "بليغًا".

تضاف إلى ذلك - بالطبع - جهودُ وتحرُّكات العلماء وأهل الرأي على مستويات عُلْيَا، والجهود الإعلامية في لقاءات الإذاعة والتلفاز والقنوات المتخصِّصة، وفي الخُطب والمسابقات، والتسجيلات والصحُف والنشرات، وغيرها.

ولكن سيدورُ الحديثُ هنا حولَ الحملات الإلكترونيَّة، فهذه الجهود كثيرًا ما تتقاطع فيما بينها؛ حيثُ نشاهد محاضرةً مباشرة على التلفاز، وبعْد ساعاتٍ قليلة نراها منتشرةً في صفحات شبكة الإنترنت، وكذلك المقاطِع الصوتيَّة، وهلمَّ جرًّا.

وعلينا ألاَّ نستهينَ بهذه الحملات الإلكترونيَّة، فكم استفادَ منها المسلمون وأصحابُ الحقوق! وكم فعَلَتْ في مدَّة قصيرة ما لم يفعلْه غيرُها في شهور! وكم أسهمتْ في إظهار الحقِّ ودحْضِ الباطل! وكم أوْصَلتْ أصوات المظلومين إلى المسؤولين فاستجابوا لها!

وهكذا يكون الداعيةُ المسلِم، الذكي الملِمُّ بما يجْري حولَه؛ إنَّه يستغلُّ كلَّ ما يدور حولَه لخِدمة دِينه.

وقدِ انقسمتِ الحملاتُ الإلكترونية التي تيسَّر لي النظرُ فيها إلى:
1- حملات ضخْمة، مِن خلال إطلاق أقسام في المواقِع الكبرى، أو إطلاق مواقِع حديثًا بشكل خاصٍّ لهذا الموضوع.
2- حملات متوسِّطة، مثل بعض الحملات القائمة في المنتديات أو المواقِع الاجتماعيَّة.
3- حملات يسيرة، وهي كذلك في المنتديات والمواقِع الاجتماعيَّة، ولكن عملها فرديٌّ يسير.

ولا شكَّ في أنَّ الرَّقْمين 2 و3 يُسهمان في تكثيرِ السواد، وسدِّ الثغرات التي لم تصلْ إليها الحملاتُ الضخْمة.

ولا نُغفِل هنا الدَّورَ المهمَّ للمجموعات البريديَّة (groups) في هذا الشأن، حيث تداول فيها المسلمون ملايين الرسائل التي تحوي آخِرَ الأخبار والمقالات التي تخصُّ الموضوع.

حملة الألوكة الإلكترونية لنصرة أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -:
حيث إنَّ تحليلَ مجموع هذه النُّصْرة العالمية سيطول؛ فإنِّي أفضِّل أن أنظرَ في حملةٍ واحدة أجدُها مثالاً للحملة الإلكترونيَّة الناجحة، وأقيِّمها كإحْدى أهمِّ تجارِب شبكة الإنترنت في الدِّفاع عن أمِّنا عائشة الصِّدِّيقة، وهي تجرِبة شبكة الألوكة www.alukah.net، وقد تمَّ تخصيصُ قسم لحملتها، في هذا الرابط:
http://www.alukah.net/World_Muslims/10720/
وسنجد أنَّ عمل شبكة الألوكة توزَّع (بدءًا من منتصف شوال، حتى ذي الحجة) إلى المجالات التالية:
1- مقالات عن أمِّ المؤمنين عائشة (56).
2- كُتب عن أمِّ المؤمنين عائشة (10).
3- قصائد عن أمِّ المؤمنين عائشة (21).
4- تصميمات عن أمِّ المؤمنين عائشة (13).
5- ترجمة أمِّ المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - (23).

أهميَّة وفوائد الحملات التوعويَّة الإلكترونيَّة الإسلاميَّة:
1- البُعد العالَمي: أدَّى التكثيفُ المدروس لهذه الحملات إلى تحريكِ الرأي العام العالَمي، وزَلْزلة الأرْض تحتَ أقدام المهاجمين بمختلف توجُّهاتهم الفِكريَّة، وأعادتِ الوعي إلى بعضهم، ودعتْ بعضَهم إلى المراجعة، حيثُ يُعتبَر المجتمع الإلكتروني حاضرًا وفاعلاً في حياة المهتمِّين بالرأي العالَمي، وقد رأيْنا أيضًا ورودَ الحديث عن الحملات الإلكترونيَّة في بعض القنوات التلفازية، ممَّا يعني قُوَّةَ حضورها عالميًّا.

2- رفْع الوعْي الدِّيني لدَى الجمهور، وتنمية الغَيْرة والإحساس بالمسؤولية لدَيْه.

3- تعزيز موْضوع المظاهرات الإسلاميَّة السِّلميَّة، وإضافة الحِسِّ الإسلامي والحضاري إليها، فهذه التظاهراتُ والحملات تُعتبَر من الأمْر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتظهر قوَّة المسلمين، وهي تَجْمع كلمتهم، وتُوحِّد شملهم، وتُقوِّي شَوْكتَهم.

4- تغطية ساحة المجتمع الإلكتروني مِن هذا الجانب يُعتبَر سدًّا لثغْر مهمٍّ قد يغفُل عنه الكثير.

5- لَفْت الانتباه إلى خُطورة الأطروحات الهجوميَّة، والتوعية بالإجراءات التي ينبغي اتخاذُها.

6- تنامي عددِ المستخدمين للشبكة العالميَّة، كوسيلةٍ إعلاميَّة، يُحتِّم على أصحاب المواقع إطلاق الكثير من الحملات التي تستوعب أكبرَ عدد منهم.

7- قَمْع التشويه الإعلامي الكاذِب بإظهار الصورة الصادِقة لنا، وإظهار الصُّورة الحقيقيَّة لهم.

8- هذه الحملات يَشْتَرِك فيها الناسُ والهيئاتُ مِن مختلف دول العالَم، ممَّا يُكْسِبها القوَّة في وجه مَن يقف ضدَّها.

خصائص حملة الألوكة الإلكترونيَّة لنصرة أمِّ المؤمنين عائشة:
1- أَدَّتْ شبكة الألوكة دَورًا كبيرًا ومهمًّا ضمنَ مجموعة مِن المواقع التي تُوقَّعْنا منها القيام بحملات قويَّة لنُصرة السيِّدة عائشة - رضي الله عنها؛ وذلك نظرًا للإمكاناتِ التي تتمتَّع بها، من حيث الطَّرْح والشعبيَّة، إلا أنَّ تلك المواقع اكتفتْ بنشر بعض الموادِّ بدون إطلاق حملات مُعْلَنة، ولم يكن لها جهدٌ بارزٌ في ذلك.

2- إعطاء موضوع الحمْلة الرئيسي حقَّه، مِن خلال تقديمِ موادَّ متنوِّعة تعريفيَّة وافية.

3- الخروج عن الموضوعِ الأساسي إلى مواضيعَ فرعيَّة مهمَّة، منها الشرعي والسِّياسي.

4- الطَّرْح الدقيق السليم للكثير مِنَ القضايا المتعلِّقة، ومِن المتعارَف عليه أنَّ الحملاتِ الاحترافيَّةَ تهتمُّ بالخوض في تفاصيل المشكلات؛ للنظرِ في كيفيَّة معالجتها.

5- توازُن المضمون، وهدوء الخِطاب ووسطيته.

6- الطَّرْح المتنوِّع، أو التنويع في المواد، وذلك واضحٌ مِن الأقسام الخمسة المبيَّنة أعلاه.

7- ظهور المشايخ والمشهورين إعلاميًّا في صوتيات ومرئيات، ممَّا يُعْطي الحملةَ القوةَ المرجعيَّة، والإقناعَ في الحُجَّة.

8- التعريف بالآخَر بذكاءٍ وموضوعيَّة، والتعمُّق في فِكره، وعدم الانخداع بمقولاته الظاهرة، حيث تهتمُّ الحملات (الدفاعية) بالتعريف بالصورة الحقيقية للآخَر، وهذه الحملةُ في الحقيقة تجمع بين الدَّفْع والجَذْب.

9- مراعاة الأذواق في الجمْع بيْن الصوت والصورة، والكلمة والعرْض، ولكن الأمر يتطلَّب جهدًا أكبرَ في احترافية الإخْراج.

10- الجمْع بيْن كثرة الكمِّ وجوْدة الكيف، حيث نشرتِ الشبكةُ مجموعةً من المواد النوعية المدروسة بعناية في مدَّة تُعتبَر قصيرة نسبيًّا، فوصل مجموعها إلى (123) مادة.

11- الكفاءة والدِّقَّة في النواحي اللُّغوية، والخدمات الفنية، ممَّا يُعطي الموادَّ بعدًا من التأثير والصفاء في أثناءِ القراءة.

12- تقديم مرْجِع مهمٍّ ومتكامل، وملف نفيس يخصُّ هذه القضية، ويخدم الباحثين.

13- إثبات وجود رغْبة جادَّة وحقيقيَّة في خِدمة الجانب الإعلاميِّ الإسلامي.

14- يُعتبر هذا الجهد مِن (الألوكة) إطلاقًا لمِنْبَر المساعدة في التغيير والإرشاد، ولتوجيهِ وتعريفِ المجتمع بطُرق المواجهة الثقافيَّة والدِّفاع عن المبادئِ، والنُّصْرة، وتبليغ الرسالة.

على طريق النجاح:
أقترح ما يلي على شبكة الألوكة، وعلى غيرها من المواقِع في حملاتها القادمة؛ حتى يكتملَ جهد المؤسَّسات الثقافيَّة، ويتحسَّن الأداءُ ويَقْوَى، ويُؤدِّي دَورَه بجودةٍ عالية، حيث إنَّ قوَّة الحملة مِن قوَّة الموضوع:
1- أن يكون الإعلانُ عن هذه الحملة والحملات القادِمة بشكلٍ احترافي، في بداية بدْء الحملة؛ حتى يُفيدَ المتَصفِّحون منها على نِطاق أوْسع.

2- زيادة التأثير البَصري المُلْفِت والجاذب، مِن خلالِ التصاميم والخطوط، والأفلام القصيرة التوعويَّة، والفِلاشات.

3- التعاون مع المواقِع الكبرى في التشاور والدَّعْم للنهوض بهذه الحملات بشكلٍ أفضل، مع أهميَّة استخدام مختلف الوسائل التقنيَّة والمواقع التي تخدم الحملة، ثم يمكن لهذه المواقِع أن تُعمِّم تَجرِبتَها؛ لتستفيدَ منها بقية المواقع.

4- الدِّراسة الحديثة لكلِّ حملة، من حيثُ الأهدافُ والمستهدفون، وما إلى ذلك.

5- دعْم الحمْلة الإلكترونيَّة بإعلانات مطبوعة، أو بنشرات تثقيفيَّة.

6- نشْر الثقافات الملائِمة لكلِّ حملة، مثلاً في هذه الحملة يُمكِن نشْر ملفات مُتَنَوِّعَة تدور حولَ ثقافة العِفَّة، والعفاف، وحب آل البيْت، ودعْوة المخالفين، وما إلى ذلك ممَّا يُعمِّق الموضوع، ويُعطيه أبعادًا أخرى.

7- فتْح صفحة تفاعُليَّة لطرْح آراء الساعة، ولاستقبال الكتابات المباشِرة من المهتمِّين ومِن العامَّة، للتعبيرِ عن الرأي الإسلامي العام، وهذه الصفحة تكون بمثابة صفحة للتوقيع.

8- أن يكونَ للحملة شِعارٌ مرسوم مناسِب، وشعار لفظي مصاحِب، أو ما يُسمَّى بـ(الصيحة)؛ مثل: الشِّعارات العالميَّة لِحَمْلَةِ: (إلاَّ رسول الله)، ولا شكَّ في أنَّ لهذه الشعارات أَثرًا عميقًا في ترسيخِ المعاني، وحَثِّ الناس على التمسُّك بها.

ويقترح مثلاً شعارات: (الإساءة إلى الصحابة إساءة لنا، لا للطائفية، لا للإساءة إلى الصحابة، عائشة من آل البيت)، وكلَّما كان الشِّعار موحَّدًا في الحملة، اتَّسعتْ رُقعة تأثيره.

9- ترْجمة الموادِّ ونشْرها في القِسم الإنجليزي، وبثّها في المواقع الإنجليزيَّة الأخرى.

10- زيادة مراعاةِ المُستويات والفُروق بين المتَصَفِّحين، فيُمكن إنشاء عدَّة أقسام داخلَ الحملة الواحدة: للشباب، والفتيات، والكِبار، والمختصِّين... إلخ، ويُراعى في كل قسم منها الشكلُ والمضمون الخاص بالشرائح العُمريَّة بعدَ دِراستها.

11- ضرورة استمرارِ الحملات المتنوِّعة طوالَ العام، على فترات مدروسة، والاستفادة في ذلك مِنَ الأحداث العالميَّة والمواسِم الإسلاميَّة.

12- إطلاق مسابقاتٍ صغيرة ضمنَ الحملات، مما يُحفِّز المهتمِّين على الكتابة والإبداع، وقد رأيْنا العديدَ مِنَ المسابقات التي أطلقتْها منتدياتٌ ومواقِعُ من مختلف البلدان الإسلاميَّة.

13- جمْع أهمِّ مواد الحملة في كتاب يُنشَر ورقيًّا وإلكترونيًّا، ويُترجَم ويُطْبَع ويُوزَّع في المكتبات العربيَّة والعالميَّة.

14- يُطلَب من المتصفِّحين تقديمُ آرائهم، وتطلُّعاتهم ومتطلباتهم حولَ الحملة منذُ بداية إطلاقها.

15- إطلاق خِدْمات عامَّة تستفيد منها المواقعُ والمنتديات الأخرى، كتصميمِ (ستايلات) للمنتديات تَحْمِل شعارَ الحملة وشكْلَها الخاص.

16- تقويم كلِّ حملة بعدَ الانتهاء منها، من خلال استمارة تتضمَّن السلبياتِ والإيجابياتِ والمقترحات، مع أهميَّة طرْح ما تتوقَّعه الشبكةُ من نتائج وتوصيات ومطالبات في نهاية كلِّ حمْلة.

17- أقْتَرح أن يكون لكلِّ حملة تُقيمها الألوكة قسمٌ خاص، ولكن على شكلِ موقِع مستقِلّ، وليس على شكْل قِسْم فرْعي؛ أي: قِسم فرعي مبني فنيًّا على هيئة موقِع، ويُسمَّى باسم: موقع حملة كَذا.

أطيب أمنياتي للإخوة القائمين على الألوكة، ولبقيَّة المواقِع الإسلاميَّة، بالتألُّق المستمرّ والنجاح المبهِر في التعريف بقضايا الأمَّة.

إرسال تعليق

 
Top