0

كتبت هذه القصيدة دفاعاً عن أمِّ المؤمنين عائشة بنت الصديق - رضي الله عنهما - في ظل الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الإسلام والمسلمون اليوم:


أَقُولُ الصِّدقَ لا نَسْجَ الخيالِ:
تَبارَى الخَلقُ فِي نَيلِ الكَمالِ
فَمِنهُم مَن أَحبَّ جَمالَ وَجهٍ
وَبعضُ النَّاسِ يَعشَقُها لمَالِ
وإِنْ كانَت لَها حسَبٌ ففَضلٌ
وأَفضَلُ مِنهُ دِينٌ مَعْ جمَالِ
بِذا أَوصَى الرَّسُولُ نِكاحَ زَوجٍ
بِذاتِ الدِّينِ حُبًّا فِي العِيالِ
وَمنْ جَمعَ الكَمالَ فقدْ تَسامَى
لأَربعَ قَدْ جُمِعنَ بِلا انْفِصالِ
وَقدْ جُمِعتْ لعَائشَةٍ فَكانَتْ
مِثالَ الحُسنِ فِي ذَاكَ الجَمالِ
فَأُمُّ المُؤمِنينَ وَمنْ سِواهَا
أَحقُّ الخَلقِ فِي وَصْفِ الكَمَالِ؟
رَآها صُورةً نَزلَتْ كَبَدرٍ
تَلأْلأَ فِي سَماءٍ مِنْ جَلالِ
رَآها فِي المَنامِ، فَكانَ حُلْمٌ
تَكرَّرَ فِي ثَلاثٍ مِنْ لَيالِ
وَبَعدَ نُزُولِ صُورَتِها يَقِيناً
رَسُولُ اللهِ يَدعُو لِلوِصالِ
تَوافَقَ فِعلُهُ بِنُزُولِ وَحيٍ
وَقُرآنٍ يُبارِكُ فِي الحَلالِ
فَبادَرَ يَطلُبُ الصِّدِّيقَ فَوراً
وَلِيُّ الأَمْرِ أَولَى بِالسُّؤالِ
أَحبَّتْ خَيرَ خَلقِ اللهِ حُبًّا
يَفُوقُ الوَصفَ فِي قِصَصِ الخَيالِ
وَبادلَها الرَّسُولُ بِذَاكَ حُبًّا
وهامَ القَلبُ فِي نَيلِ الكَمالِ
فكَانتْ زَوجةٌ لأَحَبَّ خَلقٍ
يُزوِّجُها العَليُّ مِنَ الجَلالِ
ولَسنا نَهذِرُ الأَقوالَ هَذْراً
وَما فِعلُ القَبِيحِ لَنا بِحالِ
وَلكِنَّا نُدافِعُ عَنْ حَصَانٍ
نَرُدُّ القُبحَ مِنْ لُسْنٍ طِوالِ
هِيَ الأَعراضُ قَدْ صِينَتْ بِشَرعٍ
وَليسَ العِرضُ شدًّا للحِبالِ
وَشَتمُ مُصانةٍ فِي العِرضِ قُبحٌ
كَأَقبحِ مَا يَكونُ مِنَ الرِّجالِ
وَمنْ يَشتُمْ مُبرَّأَةً بِحَرفٍ
سَيَنْدم ثُمَّ يُضرَبُ بِالنِّعالِ
وَفِي الدُّنيا يُذَمُّ بِكُلِّ فَجرٍ
وَبعدَ الحَشرِ يُسقَى مِنْ خَبالِ
وَمنْ قَرُبَ القَبيحَ وساءَ قَولاً
فَلنْ يَلقَى سِوى خِزْيِ الفِعالِ
فَيا مَنْ بِعتَ للشَّيطانِ نَفْساً
وَأَرْخَصتَ الثَّمينَ، وَقُلتَ: مَالِي
وَلمْ تَربحْ سِوى نُكرانِ فَضلٍ
لِربِّ العَالَمِينَ وَما تُبالِي..
بِما قَدَّمتَ, يَا لَشقاءِ نَفسٍ
تَمُوتُ عَلَى الغِوايةِ وَالضَّلالِ
وَيا سَعدَ النُّفوسِ إِذا تَعافَتْ
مِنَ الشَّيطانِ وَالدَّاءِ العُضالِ
فَأَينَ لِظَالمٍ أَحَداً بَقَاءٌ
وَهذا الكَونُ يُسرِعُ بِالزَّوالِ؟
وَقَدْ نُسِفَتْ فِعالٌ فِي حَياةٍ
كَنَسفٍ فِي القِيامةِ للجِبالِ
أَلَيسَتْ حِكمَةُ الرَّحمنِ تَقضِي
لأَهلِ الفَضلِ إِكرامَ الفِعالِ؟
إِذا انْتسبَ الْجَمالُ إِلى حَصَانٍ
فَعائِشُ لا تُبارَى فِي الْجَمالِ
أَوِ انْتسبَ العَطاءُ إِلَى كَريمٍ
فَلمْ تَبخَلْ بِنَفسٍ أَو بِمالِ
بِحالَةِ عُسْرِها تُعطِي وَتُعطِي
وَحالةَ يُسْرِها هيَ كَالجِبالِ
فأُمُّ المُؤمِنينَ أَبرُّ أُمٍّ
بِكُلِّ ضَعِيفَةٍ فِي كُلِّ حالِ
فَقدْ حَملَتْ كِتابَ اللهِ رَطْباً
وَفاضَ العِلمُ مِنْ نَبْعِ الظِّلالِ
تَقُولُ الشِّعرَ فِي قَولٍ فَصِيحٍ
تَقولُ الصِّدقَ لا نَسْجَ الخَيالِ
وَفِي عِلْمِ الفَرَائِضِ بَحرُ عِلمٍ
ويَعرِفُ قَدْرَها أَهلُ السُّؤالِ
وَفي الفِقهِ الصَحِيحِ لَها دُروسٌ
وَفِي عِلمِ الفَصاحةِ كالمِثالِ
وَفي عِلمِ الحَديثِ لَها ذِراعٌ
وفِي الأَنْسابِ تَصنِيفُ الرِّجالِ
فَما نَطقَتْ بِغيرِ الحَقِّ جَهراً
وَأَبْعدَ مَا تَكونُ عَنِ الضَّلالِ
فَمَنْ زَكَّتْ لقَدْ زَكَّاهُ رَبِّي
وَقدْ عُرِفتْ بِصِدقٍ فِي المَقالِ
وَكَم وَحيٍّ تَنزَّلَ فِي فِراشٍ
يَضمُّ الطُّهرَ فِي أَبْهى الكَمالِ
لَها الجنَّاتُ مِنْ رَبِّ كَريمٍ
لَها الحَسناتُ تُوزَنُ كالجِبالِ
وماتَ المُصطَفَى مَا بينَ سَحْرٍ
وَنَحْرٍ للمُصانَةِ فِي جَلالِ
وغُسِّلَ ثُمَّ كُفِّنَ فِي حِماها
لِيُدفَنَ عِندَها بَعدَ الزَّوالِ
ويُدفَنَ صَاحِباهُ إِلَى جِوارٍ
وَقدْ أَذِنتْ لَهُمْ عِندَ السُّؤالِ
فكانَ الصِّدقُ في قَولٍ وَفِعلٍ
وكانَ الخَيرُ في حُسنِ المَقالِ
وَإِنْ حُرِمَتْ مِنَ الدُّنيا عِيالاً
فَقدْ كَانتْ لَهُمْ أُمَّ العِيالِ
فَأُمُّ المُؤمِنِينَ أَحَقُّ أُمٍّ
بكُلِّ المُؤمنينَ علَى الكَمالِ
سَلامُ الخَلقِ مِنْ رَبِّي عَلَيها
سَلامُ الطِّيرِ فِي قِمَمِ الجِبالِ
حَماكِ اللهُ مِن شرِّ الأعادِي
فَأَنتِ مُصانَةٌ في كُلِّ حالِ

إرسال تعليق

 
Top