0
الصّحابة رضي الله عنهم
لقد كان للصّحابة الكرام -رضي الله عنهم- أثر كبير في نشر الإسلام بين الأمم؛ من خلال مساندتهم للرسول صلّى الله عليه وسلّم، ومن بين الصّحابة العُظَماء الذين حملوا راية الإسلام ودافعوا عنه بأرواحهم، وكان لهم دور كبير في نشر الإسلام في أرجاء العالم، برز خالدُ بن الوليد -رضي الله عنه- الذي حمل راية الإسلام في الغزوات التي خاضها في زمن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- وأثناء الفتوحات الإسلامية بعد وفاته صلّى الله عليه وسلّم، فمن هو خالد بن الوليد، وما هي سيرته، وكيف كانت وفاته؟

وفاة خالد بن الوليد

تُوفِّي الصّحابي الجليل خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في حمص؛ في الثامن عشر من شهر رمضان المبارك في العام الحادي والعشرين من الهجرة النبويّة، الموافق للعشرين من شهرِ أغسطس من عام ستّمئة واثنين وأربعين ميلاديّة، ولمّا حضرته سكرات الموت، انهمرت دموعه حُزناً على الحال التي مات عليها، فلم يكن يرغب بالموت إلّا شهيداً في صفوفِ المجاهدين.[١]


وقد قال خالد بن الوليد -رضي الله عنه- وهو يُحتضَر على فراش الموت تأثُّراً على حاله: (لقد حضرت كذا وكذا، زحفاً وما في جسدي موضع شبر إلَّا وفيه ضربة بسيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح وها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت البعير، فلا نامت أعين الجُبناء)، فلمّا سمع خليفة المسلمين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بوفاة خالد بن الوليد -رضي الله عنه- قال: (دع نساء بني مخزوم يبكين على أبي سليمان، فإنّهنّ لا يكذبن، فعلى مثل أبي سليمان تبكي البواكي).[١]

نسَب خالد بن الوليد

هو خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشيّ المخزوميّ، لُقِّب بسيف الله، ويُكنّى بأبي سليمان، أمّا أُمّه فاسمها لُبابة الصُّغرى، بنت الحارث بن حرب الهلاليّة، وهي الأخت الشقيقة للبابة الكُبرى زوجة عمّ رسول اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- العبّاس بن عبد المطلب، وأختهما أُمُّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث زوجة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.[٢]

كان خالد بن الوليد -رضي الله عنه- أحد أَهمّ أشراف قريش زمن الجاهليّة، وكانت تُرَدّ إليه أعِنّة الخيل في الجاهلية، وقد شَهِد مع قريش العديد من الحروب والمعارك إلى عُمرة الحديبية؛ حيث كان بعدها دخوله في الإسلام.[٢]

إسلام خالد بن الوليد

دخل خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في الإسلام بعد صلح الحديبية؛ أي في العام السابع من الهجرة النبويّة،[٢] وقيل: بل كان إسلامه في العام الثامن للهجرة من شهرِ صفر؛ أي قبل فتح مكة بستّة أشهر، وكان بين إسلامه وغزوة مؤتة شهران تقريباً، أمّا قصّة إسلامه فتعود تفاصيلها إلى ما بعد أحداث صلح الحديبية، وحينها كان قد أسلم أخوه الوليد بن الوليد، ولمّا توجّه رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- لأداء عمرة القضاء في مكة بعد صلح الحديبية، وقد كان معه الوليد بن الوليد، فسأله الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- عن أخيه خالد، فقال الوليد بن الوليد: (يأتي به الله).[١]

ثمَّ قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حينها: (ما مثله جهِل الإسلام، ولو كان يجعل نكايته مع المسلمين على المشركين كان خيراً له، ولقَدّمناه على غيره)، فخرج الوليد بن الوليد يبحث عن أخيه خالد فلم يجده، فترك له رسالةً جاء فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم، أمَّا بعد... فإنّي لم أَرَ أعجب من ذهاب رأيك عن الإسلام، وعقله عقلك، ومثل الإسلام يجهله أحد! وقد سألني عنكَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: أين خالد؟) وذكر له ما قاله النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من قول حسَن فيه، وجاء في رسالته: (فاستدرِك يا أخي ما فاتك فيه؛ فقد فاتتك مواطنُ صالحةٌ)، وعندما قرأ خالد –رضي الله عنه- الرسالة؛ استبشر بها، وسُرَّ سروراً عظيماً، وأعجبه قول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي نقله إليه أخوه، فتشجَّع بعدها، وأعلن إسلامه.[١]

لقب خالد بن الوليد

لُقِّب خالد بن الوليد -رضي الله عنه- بسيف الله، ومن ألقابه أيضاً فارس الإسلام، وليث المشاهد، وقائد المجاهدين، أمّا سبب إطلاق لقب سيف الله عليه؛ فيرجع ذلك إلى غزوة مؤتة، فعندما استُشهِدَ حمَلة راية الإسلام، وهم: زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة، قدَّم الصّحابة -رضي الله عنهم- خالداً ليتولّى قيادة جيش المسلمين فاستلم الرّاية، وأخذ يُغِير على العدوّ حتى كان النَّصر حليفاً للمسلمين، فسمّاه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- حينها بسيفِ الله، فقد جاء في صحيحِ البخاري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أنّ النبيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: أخذ الراية زيد فأُصيب، ثمّ أخذها جعفر فأُصيب، ثمّ أخذ ابن رواحة فأُصيب وعيناه تذرفان حتّى أخذها سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم).[٣][٤]

شارك خالد بن الوليد -رضي الله عنه- في العديد من الغزوات والفتوحات والمعارك قبل وبعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن الغزوات التي شارك فيها فتح مكّة، وغزوة حُنين، وشارك أيضاً في قتال أهل الرِّدّة، وفي قتال مسيّلمة الكذّاب، وغيرها من المعارك والغزوات، وقد قال عنه النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: (نِعمَ عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد؛ سيف من سيوف الله سلَّهُ الله على الكفَّار والمنافقين).[٥][٤]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ث تامر بدر (7-3-2014)، "خالد بن الوليد"، www.islamstory.com، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2017. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت ابن حجر (1415هـ)، الإصابة في تمييز الصّحابة (الطبعة الأولى)، بيروت: دار الكتب العلمية، صفحة: 215، جزء: 2. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 3757. صحيح.
  4. ^ أ ب "خالد بن الوليد هو الصّحابي الملقب بسيف الله المسلول"، www.islamweb.net، 4-8-2008، اطّلع عليه بتاريخ 1-12-2017. بتصرّف.
  5. رواه الشوكاني، في در السحابة، عن أبي بكرٍ الصدّيق ، الصفحة أو الرقم: 368، رجاله ثقات.
المصدر موضوع

إرسال تعليق

 
Top