0

منزلة وأخلاق عائشة رضي الله عنها من خلال قصة الإفك [1]



منزلة عائشة عند النبي صلى الله عليه وسلم وشهادته لها:
لقد كانت لعائشةَ منزلةٌ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد استَشهدَت أمُّ رومان بذلك عند تسليتها، فقد وصفَتها بجمالها ووَضاءتها، وفي رواية مسلم: "حظيَّة" من الحَظوة؛ أي: رفيعة المنزلة.

وأما شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لها؛ ففي ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: ((من يَعذِرني من رجل بلغني أذاه في أهل بيتي؟! فوالله ما أعلم على أهل بيتي إلا خيرًا)).

كمال تفكيرها في تصرفها:
فإنها لما وَجدَت الجيش قد انصرف قالت: "فأمَمتُ منزلي الذي كنت فيه"؛ أي: قصَدَت موضعَ هودجِها وأقامت فيه، مع أنها كانت صغيرة السن؛ لأنها لو لم تقعد بموضعها ذلك، وسارت في طلَب القوم لاحتمل أن تُصيب طريقهم أو تحيد عنه، فإن حادَت تهلِك وتُتلف نفسها، فرجَّحَت المقام مع تيقُّنها أنهم إذا فقَدوها عادوا لموضعها.

عناية الله بها رضي الله عنها:
لأنها لما سار القوم وأصبحَت وحدها "نامَت"، وهذه من رحمة الله بها؛ لأن المقام يَحدث فيه وحشة؛ وذلك أولاً لصِغر سنها، ولأن الموضع بالبرِّية، فهو موضعُ فزع وقلق وخوف، لكن الله صانها بالنوم، كما فعَل بأهل بدر، فقال عز وجل: ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ [الأنفال: 11].

تنزيلها للناس منازلهم:
وهذا من تمام خُلقها وأدبها، ورِفعة دينها، ومعرفتها بأصول دينها، فإنها أنكرَت رضي الله عنها على أمِّ مِسطح رضي الله عنها دعاءها عليه، واستشهدَت عليها بأنه من أهل بدر؛ لأن أهل بدر لهم منزلةٌ عظيمة عند الله عز وجل، فهم أفضل الصحابة، وسيأتي مزيد لذلك في الفوائد العقدية.

حسن تصرفها عند سماع الخبر:
حيث إنَّها رضي الله عنها لما سمعت الخبر من أم مسطح لم تكتفِ بذلك حتى أرادَت أن تذهب إلى أبويها؛ لتستوثِقَ من الخبر، وتتبين حقيقته.


[1] استفدتُ هذه الفوائد من فتح الباري (8 /452 - 482)، وشرح النووي لصحيح مسلم (17 /103 - 117)، وبهجة النفوس لابن أبي جمرة (3 /39 - 73)، وزاد المعاد لابن القيم (3 /256 - 269)، وقد أشير إلى موضع الفائدة، وقد لا أشير إليها؛ لأنني تصرَّفت في كثير من العبارات.

إرسال تعليق

 
Top