0

الرد على أكذوبة منع عائشة الحسن أن يُدفن في بيتها


قال الألوسي رحمه الله في تفسيره عن هذه الخرافة الرافضيَّة: "ولهم في هذا الباب أكاذيبُ لا يُعوَّل عليها ولا يَلتفت أريبٌ إليها؛ منها: أن عائشة رضي الله تعالى عنها أذِنَت للحسن رضي الله تعالى عنه حين أاستأذنَها في الدفن في الحجرة المباركة، ثم ندمت بعد وفاته رضي الله تعالى عنه وركبَت على بغلة لها وأتت المسجد ومنعَت الدفن، ورمت السهام على جنازته الشريفة الطاهرة، وادَّعت الميراث، وأنشأ ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول:
تجمَّلَت تبغَّلَت
وإن عشَت تفيَّلَت
لكِ التسع من الثُّمُن
فكيف الكلَّ ملَكَت

وركاكة هذا الشعر تُنادي بكَذِب نسبته إلى ذلك الحَبر رضي الله تعالى عنه، وليت شعري: أيَّ حاجةٍ لها إلى الركوب ومسكَنُها كان تلك الحجرةَ المبارَكة؟!، فلو كانت بصَدد المنع لأغلقَت بابها، ثم إنها رضي الله تعالى عنها كيف يُظنُّ بها ولها من العقل الحظُّ الأوفر بالنسبة إلى سائر أخَواتها أمَّهات المؤمنين؟!"))[1]. اهـ.

وقال ابن عساكر: (("أإن حسنَ بن علي بن أبي طالب أصابه بطن، فلما عرَف بنفسه الموت أرسل إلى عائشةَ زوجِ النبي صلى الله عليه وسلم أن تأذنَ له أن يُدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها، فقالت: نعم، بقي موضع قبر واحد قد كنتُ أحب أن اأُدفن فيه، وأنا أؤثرك به، فلما سمعت بنو أمية ذلك لبسوا السلاح، فاستلأموا بها، وكان الذي قام بذلك مروانُ بن الحكم، فقال: والله لا يدفن عثمان بن عفان بالبقيع، ويدفن حسنٌ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولبسَت بنو هاشم السلاح وهمُّوا بالقتال، وبلغ ذلك الحسن بنَ علي، فأرسل إلى بني هاشم، فقال لهم رسوله: يقول لكم الحسن: إذا بلغ الأمر هذا فلا حاجة لي به، ادفنوني إلى جنب أمِّي فاطمة بالبقيع، فدُفن إلى جنب فاطمة ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم"))[2].

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح: (("وذكر ابن سعد من طرق أن الحسن بن علي أوصى أخاه أن يدفنه عندهم؛ أإن لم يقع بذلك فتنة، فصدَّه عن ذلك بنو أمية، فدُفن بالبقيع)")[3].

وهنا سؤال: إن كان الحسن لم يُدفن في بيت أم المؤمنين، فهل دُفنت فيه أم المؤمنين؟
روى البخاري والطبراني في الكبير وغيرُهم عن هشامٍ عن أبيه عن عائشةَ رضي الله عنها: ("أنَّها أوصَت عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: لا تدفنِّي معهم، وادفني مع صواحبي بالبقيع؛ لا أزكَّى به أبدًا")[4].

البخاري باب: (ما جاء في قبر النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما).

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ("(أكره أن أزكَّى)) بفتح الكاف الثَّقيلة على البناء للمجهول؛ أي: أن يُثني عليَّ أحدٌ بما ليس فيَّ بل بمجرد كوني مدفونةً عنده دون سائر نسائه، فيظن أني خُصِصت بذلك من دونهن لمعنًى في ليس فيهن، وهذا منها في غاية التواضع")[5].

وجاء عند الحاكم المستدرَك قالت عائشة رضي الله عنها: ("وكانت تحدِّث نفسها أن تُدفَن في بيتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فقالت: إني أحدَثت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثًا؛ أادفنوني مع أزواجه، فدُفنت بالبقيع")[6].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ("ولما احتضرَت عائشة رضى الله عنها أوصَت أن تُدفن مع صواحباتها بالبقيع، ولا تُدفن هناك؛ فعلَت هذا تواضعًا أن تُزكَّى به")[7].

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ("قال ابن بطَّال عن المهلب: إنما كَرهت عائشة أن تُدفن معهم؛ خشيةَ أن يظنَّ أحد أنها أفضلُ الصحابة بعد النبي صلى الله عليه وسلم وصاحِبَيه")[8]


[1] روح المعاني للألوسي (22/7).
[2] تاريخ دمشق (13/ 289).
[3] فتح الباري (13/ 308).
[4] البخاري (3127) (6896)، والمعجم الكبير (33/ 17).
[5] فتح الباري (13/ 305).
[6] الحاكم 4/ 7 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
[7] مجموع الفتاوى (27/ 419).
[8] فتح الباري (13/ 308).

إرسال تعليق

 
Top